الرد على زعم الملاحدة أن العلة الأولى فاعل بالطبع

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا
إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة
و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .

أما بعد :
يزعم الملاحدة أن
العلة الأولى لايمكن أن تكون إلا فاعل بالطبع و هو ما يعبر عنه العلماء في الوقت
الحاضر بأنه الطبيعة أو قوى الطبيعة .

و الجواب أن وجود مخلوقات عالمة في
هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير عالم ؛ لأن من ليس عنده علم لا يهب العلم
ففاقد الشيء لا يعطيه .

 

ووجود مخلوقات حكيمة في هذا الكون ينفي أن يكون موجودها فاعل غير حكيم ؛ لأن من ليس
عنده حكمة لا يهب الحكمة ففاقد الشيء لا يعطيه .

و الكون منتظم لأنه يظهر
فيه حسن النظام والتركيب والقصد في كل شيء، فيستلزم وجود كائن ذي علم و إرادة قد
نظمه وهو الله لا الطبيعة غير العاقلة و غير العالمة و غير الحكيمة .

و زعم
الملاحدة أن الطبيعة هي التي خلقت الكون غير صحيح فالطبيعة هي حقيقة هذه الأشياء
المخلوقة الموجودة ، فهم بهذا ينسبون هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول:
الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة و كيف يكون الشيء خالق و مخلوق في
نفس الوقت و إنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟
.

و كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة ، و هي الجبال و الأشجار و ما
إِلَى ذلك إيجاد الحياة ، و كيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟[1]

و الشيء
الحادث لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟

و الشيء
المرئي لا يكون منه إلا شيئاً مرئياً لذا المادة لا يمكنها أن تخلق الشيء اللامرئي
، و لا يجوز أن نجعل اللامرئي انعكاساً إلى الشيء المرئي إذ شتان بينهما. و عليه
فإن المادة تكون ناقصة قاصرة وعاجزة عن الخلق، و بما أن اللامرئي من الأشياء
الحادثة لا يمكنه أن يخلق المرئيات من الأشياء إذن و وفق الاستدلال المنطقي نصل إلى
أن الشيء اللامرئي برهان قاطع على وجود الخالق .

والشيء لا يخلق شيئاً أرقى
منه ، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعاً ولا
بصراً، فكيف تخلق إنساناً سميعاً عليماً بصيراً! هذا لا يكون [2].

سبحان ربي
هل الطبيعة اللاعاقلة و اللامريدة أوجدت هذا الانسان العاقلو المريد ؟!!

هذا
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

أضف تعليق